قاد الثورة ضد
الاستعمار الفرنسي والاسباني، وهزم الاسبان هزيمة
ساحقة في المغرب. ملهم جيفارا الذي لا يعرفه أحد، أستاذ الثورات وملهمها منذ سنين.
لقبوه بأسد الريف بعدما اتقن حرب العصابات، رجل أرعب احدى اقوى الدول في عصره، ورث
المقاومة من والده ليقود ليقود جموع الثائرين نحو الحرية. خلد اسمه في تاريخ
المغرب العربي وشيع انه يسعى لتأسيس دولة انفصالية.
· من هو عبد الكريم الخطابي؟
محمد بن عبد الكريم الخطابي، ولد سنة 1882 في بلدة "اندير" في
مدينة الحسيمة شمال المغرب. والده كان قاضي قبيلته، وعرفت عائلته بالمكانة العلمية
والسياسية. حفظ الخطابي القران في وقت مبكر، عم قصد جامعة القرويين لإتمام دراسته
في العلوم الشرعية واللغوية.
بعد تخرجه عمل مدرسا في مليلية (مدينة مغربية شمال
المغرب لا تزال تحت الاحتلال الاسباني) ، وبعدها صحفيا في جريدة اسبانية بعدما
اتقن اللغة الاسبانية بالإضافة للغتين العربية والامازيغية. ومع حلول العام 1913
عين قاضيا ثم ترقى بعدها ليصبح قاضي قضاة. ومع وجود الاحتلال الاسباني في البلاد
في تلك الفترة، امن الخطابي بضرورة الاستعانة بدول خارجية لبناء الدولة الجديدة
وهيكلة التعليم خصوصا.
كانت للخطابي مكانة محترمة لدى سلطات الاستعمار حتى اندلاع الحرب العالمية
الأولى، حيث تعاطف الخطابي مع المانيا واوعز من السلطات الفرنسية بسجنه بحكم
نفوذها في المستعمرات الاسبانية بتهمة التخابر مع المانيا، ليسجن ل 11 شهرا. وتولد
لديه في تلك الفترة وعي بالاضطهاد الاجتماعي والسياسي الذي تتعرض اليه البلاد،
وفور خروجه بدا في التواصل مع معارضي الاستعمار.
· قائد الثائرين
تزامنا مع نهاية الحرب العالمية، وفرض اسبانيا نظام الحماية على شمال
المغرب، توفي والد الخطابي سنة 1920 بعدما كان يجهز خطة لمقاومة الاستعمار. وثقت
القبيلة بالخطابي بعد وفاة والده ليكمل ما بدأه، وبالفعل سرعان ما جهز رجاله لبدا
مهاجمة المناطق التي احتلتها اسبانيا، ليجبر المستعمر على خوض حرب عصابات عنيفة
كبدت اسبانيا العديد من الخسائر من الوفيات والعتاد. ورغم ذلك استمر الزحف
الاسباني نحو الريف ليسيطروا عليها بشكل شبه كامل رغم تحذيرات الخطابي بان تلك
المناطق غير تابعة للإسبان، الا انهم تابعوا تقدمهم بقوة تتجاوز 24000 جندي مدججين
بالأسلحة والمدفعية ولم تواجههم أي مقاومة، اذ كانت تستدرجهم قوات الخطابي الى
المناطق الجبلية حتى وصولوا لمنطقة انوال وسيطروا
عليها بشكل كامل في مايو لعام 1921. بعدها بأيام قليلة انطلقت قوات الخطابي لتهاجم
جميع المناطق التي تحتلها اسبانيا وحاصروها حصارا شديدا، فشل الاسبان في الهجوم وتجمعوا
في انوال، وعندما
حاولوا الانسحاب اصطدموا بقوات الخطابي لتحدث المعركة الكبرى سنة 1921 التي عرفت
ب"معركة انوال" التي انتصرت فيها
قوات الخطابي وهزم فيها الاسبان هزيمة شنعاء. خسروا فيها أكثر من 15000 قتيل وأكثر
من 500، وغنم فيها الخطابي الكثير من الأسلحة والذخائر وكانت أبرزها المدافع
الثقيلة.
اتجه بعد الانتصار الى تأسيس دولة منظمة دون ان يتنكر لسلطان مراكش، وأعلن
ان اهداف حكومته تتمثل في عدم الاعتراف بالحماية الفرنسية على المغرب وجلاء
الاسبان من المناطق التي احتلوها وإقامة علاقة طيبة مع جميع الدول والاستعانة
بالخبراء الأوربيين في بناء الدولة. وحول رجاله المقاتلين الى جيش نظامي على النسق
الحديث، كما قام بتهيئة البنيات التحتية وأرسل وفودا الى البلدان العربية للحصول
على تأييدها وطالب بريطانيا وفرنسا والفاتكان بالاعتراف بدولته.
· الحرب والاستسلام
خسارة الاسبان وتأسيس الدولة شكل عائقا لدى الفرنسيين خوفا من الواقع
الجديد في منطقة الريف فقرروا التدخل لمصلحة الاسبان، ليجتمعوا معا ضد الخطابي
ويشنوا هجوما واسعا صده بعدما جهزوا امدادات هائلة. قاوم الخطابي العمليات
العسكرية بجيشه المنظم الذي اسسه بعد انشاء الدولة، لكن سرعان ما ستسلم الخطابي
وجيشه عام 1926 خوفا من سقوط المزيد من القتلى والدمار. فقررت فرنسا نفيه الى
جزيرة لارينيون هو وعائلته وبعض اتباعه. وبقي فيها لعشرين عاما حتى قرروا نقله الى
فرنسا عام 1947. وخلال مرور الباخرة من خلال ميناء بورسعيد المصري طلب اللجوء
السياسي من الملك فاروق الذي استجاب له على الفور رغم الاحتجاج الفرنسي.
ومن القاهرة استأنف المقاومة وساند الحركات التحررية في شمال افريقيا وعموم
الشرق الأوسط. ومن بين من زاروا الخطابي كان تشي
جيفارا والذي قال له " أيها الأمير جئت للقاهرة خصيصا لكي اتعلم
منك"، وطلب جيفارا من الخطابي ان يعلمه فن حرب العصابات والخنادق والتي كان
هو اول من استعملها ضد المستعمر ومن ثم اشتهر بها جيفارا على مدار سنوات.
وفي سنة 1961 أعلن وفاة محمد بن
عبد الكريم الخطابي في القاهرة ودفن في مقبرة الشهداء. لا يزال الخطابي الى الان
يعتبر بطلا قوميا في المغرب وملهما ومعلما لحركات الثورات والتحرر في العالم. رحل
الخطابي تاركا وراءه ارثا كبيرا في مقاومة الاستعمار ودروسا كثيرة للباحثين عن
الحرية.
" إذا تناهى الى اسماعكم ان
الاستعمار اسرني او قتلني او بعثر جسمي كما يبعثر تراب الارض، فاعلموا انني حي
وسأعود من جهة الشرق"
المراجع: step news agency - وكالة ستيب نيوز
الارشيف المغربي
إرسال تعليق