أصبحت المدن تعاني
من مشكلة الإسكان والناتجة أساسا عن الكثافة السكانية المرتفعة فيها إلى جانب سوء التخطيط
للأراضي المخصصة للبناء وانتشار البناء بطريقة عشوائية وغير منظمة، مما أدى إلى ظهور
مناطق حضرية متخلفة تشوه المدينة وتؤدي إلى إنتشار مجموع من الأضرار الاجتماعية والصحية
والإيكولوجية.
بادرت مجموعة من
الدول بوضع الكثير من الحلول لمشكلات التحضر الزائد في المدن الكبرى من بين تلك الحلول
إنشاء مدن جديدة تمتص التكدس السكاني في المدن الكبرى وذلك بإقامة مناطق سكنية متكاملة
الخدمات والمرافق في إطار تخطيط عمراني مبني على أسس علمية وحديثة.
فظاهرة المدن الجديدة
ليست بحديثة العهد ولكن عرفتها بعض الدول المتقدمة منذ زمن بعيد مع اختلاف الأهداف
والشروط التي صاحبت إنشاءها فأول ظهور لها حتى القرن 19 عشر في إنجلترا وذلك بعد اقتراح "إبيرز هاورد" إنشاء مدن الحدائق ثم إنتشرت
الفكرة بعد ذلك لتصل إلى فرنسا، فكانت التجربة الفرنسية نموذجا يحتذى به من قبل العديد
من الدول سواء المتقدمة منها أو المتخلفة لما حققته من أهداف تنموية سواء على المستوى
الإقتصادي والإجتماعي وإلى جانب التجربة الفرنسية نجد التجربة المصرية كتجربة رائدة
في الدول النامية والتي استهدفت نقل التعمير إلى الصحراء لإعادة توزيع السكان والانشطة
وتنظيم مجال البلاد.
أما المغرب فقد تبنى
سياسة المدن الجديدة كحل لمجموعة من العوامل والأسباب التي ساهمت في دفع الدولة إلى
التوجه نحو نهج رؤية جديدة لتدبير المجال الحضري، إن تفاقم مشكلة الإسكان بالمغرب رهين
بوجود فراغ قانوني ومؤسساتي ينظم هذا المجال حيث يعد المغرب من الدول الأوائل التي
أقرت إطارا قانونيا في مجال التعمير في بداية القرن الحالي وذلك من خلال مخطط التهيئة
الذي بدأ العمل به بصدور ظهير 16 أبريل 1914، تعاقبت بعد ذلك مجموعة من المخططات إبتداءا
من المخطط الخماسي 1968-1972 إلى المخطط الخماسي 2000-2004 ورغم تعدد المخططات فإنها
لم تحقق النتائج المرجوة لهذا عمل المشرع على إصدار قانون جديد لتنظيم مجال الإسكان
والتعمير وذلك من خلال قانون 12-90 الذي حاول المشرع من خلاله الأخذ بعين الإعتبار
التطور الذي عرفته حركة التمدن و المشاكل الناتجة عن تطبيق قوانين التعمير ليحل بذلك
محل ظهير 30 يوليوز 1952.
ولتطوير قطاع الإسكان
وحل مجموعة من المشاكل التي تعرفها جل المدن الكبرى عمدت الحكومة المغربية لتخطيط إنشاء
15 مدينة جديدة في أفق عام 2020 لامتصاص النمو السكاني الكبير المرتقب في الوسط الحضري
وحيث أن نسبة السكان الحضريين في المغرب والبالغة حاليا 55 في المئة حسب نتائج الإحصاء
عام 2004 والمحتمل وصولها إلى 70 في المئة في أفق عام 2020 ستتطلب مسايرة النمو الديموغرافي
والتطوير المرتقب لحاجيات السكن، إعداد وتجهيز نحو 4500 هكتار من الأراضي كل عام حتى
سنة 2020، وهو ما يعادل إنشاء مدينة جديدة.
والمدن الجديدة
التي تم إنشاءها إعتمد فيها على دراسات تهدف إلى وضع أسس هندسية وأساليب تدبير المدن
المستقبلية وفي هذا السياق يشكل مشروع بناء مدينتي الجديدتين – تامنصورت – قرب مراكش
وتامسنا- قرب الرباط تجربة نموذجية مكنت من وضع المفاهيم المعمارية والإقتصادية والإجتماعية
لمخطط المدن الجديدة بالمغرب وتم كذلك إنشاء مدينة الشرافات قرب مدينة طنجة والخيايطة قرب الدار البيضاء.
إرسال تعليق