العلمانية،
محاربة للدين ام عقيدة جديدة؟ ام الية لتدبير الحكم؟
في العام 2012
ابان حكم الاخوان المسلمين لمصر، قرر أردوغان زيارة مصر فاستقبله كثير من المصريين
بحفاوة. ووقف في جامعة القاهرة يتحدث عن العلمانية وضرورة تطبيقها في مصر، واثناء مغادرته لم يودعه أحد.

فما هي العلمانية التي تغضب
كثيرا من العرب؟ وهل هي معاداة للدين؟
العلمانية كفكرة
هي وليدة فلسفات قديمة، تعود لزمن الاغريق ولكنها كمصطلح تبلورت في العصور الحديثة
وتحديدا فيما يعرف بعصر التنوير في أوروبا. وقد قامت كردة فعل على حكم رجال
الكنيسة لأوروبا، واللذين ملئوا فراغ الحكم بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية.
ولأجل ضمان حكمهم سعوا لإشغال الناس بأمور الاخرة وانسوهم أمور الدنيا وما فيها.
فكانت الفكرة، الدعوة لألية جديدة لتنظيم أمور الدولة بعيدا عن رجال الدين والكنيسة.
والعلمانية تكتب
بفتح العين لا بكسرها وهي مشتقة من كلمة العالم او الدنيا وليس من العلم كما هو
شائع. وتعرفها دائرة المعارف البريطانية بانها حركة اجتماعية تتجه نحو الاهتمام
بالشؤون الدنيوية بدلا من الشؤون الاخروية.

فرجل الدين الذي كان قادرا على تسيير المجتمع،
في ظل النظام العلماني لم يعد يملك هذه القوة علما ان العلمانية لا تمنع الدعوى والتبشير
بأفكار الدين، لكنها أيضا لا تسمح بإجبار الناس عليها وأيضا هي لا تأخذ بعين
الاعتبار الاحكام والتشريعات التي يسنها رجال الدين وانما بقوانين وضيعة توافق
عليها البشر. فالدولة العلمانية تعاقب المجرم في الدنيا دون ان تتوعده بعقاب في
الاخرة. وهي تتميز عن منظومات فكرية أخرى كالقومية مثلا او الشيوعية او اللبرالية
بانها لا تملك اطارا أيديولوجيا بمعنى انه ليس لها اراء في الاقتصاد او السياسة او
العلاقات بين الدول ولا تقترح شكلا محددا للدولة او سياسات معينة يجب اتباعها. وهي
كما يصر المنظرون المعتدلون لها الية مؤسساتية مهمتها الوحيدة ضمان حياد الدولة
إزاء اديان مواطنيها وعدم تفضيل الدولة لمعتقد ديني او تبنيه إزاء معتقد اخر وهي
الية يمكن تطبيقها باي شكل من اشكال الدولة ملكية كانت ام جمهورية، ديكتاتورية ام
ديموقراطية وهي فعالة وناجحة في الدول التي تضم بين مواطنيها أقليات دينية وطوائف
متعددة، فيه تضمن المساواة للجميع وتعطي شعورا بالأمان للأقليات فيها ما يدفع
المجتمع للتماسك أكثر كما تدفع الجميع للانصياع لدولة القانون.

اما عن التجارب
العلمانية في العالم فهي أكثر من ساهم في تشويه صورتها سيما في البلاد الإسلامية.
فالتجربة التركية الاتاتوركية وما نقل عنها فقد تمثلت في محاربة مظاهر الدين
والتدين والحقيقة ان ما قام به النظام الاتاتوركي ليس له أساس في العلمانية فهي لا
تفرض على الدولة ان تجبر مواطنيها ارتداء لباس معين او حتى نزعه كما حصل ويحصل
بارتداء الحجاب ومنعه فالكل حر مالم يضر. وأيضا ليس لها علاقة بانحلال قيم المجتمع
من عدمه او انتشار التدين او انحصاره. فالمتدين قادر على العيش في الدولة
العلمانية وكذلك غير المتدين. والإصرار على كونها فكرة مناهضة للدين هو سعي
لمحاولة تشويه المعنى والمصطلح الذي نشا من الحد لاستغلال الدين من قبل السلطة
لتغييب مواطنيها عما يجري في الواقع.

إرسال تعليق