وباء كل مائة عام
على مر التاريخ عرفت
البشرية العديد من اللحظات الصعبة بسبب أمراض وأوبئة فتكت بعدد هائل من الأشخاص، فالأوبئة
حصدت الكثير من الضحايا ما يفوق ضحايا الحربين العالميتين الأولى والثانية. ومع بداية
العام 2020 تعرض العالم لوباء كورونا المستجد، ففي كل مئة عام يظهر وباء يفتك بالبشرية
والأغرب من ذلك أنّه يصادف العام 20 من كل قرن. كما تأكد كذلك من كتب التاريخ أن علاقة
الصين بإنتشار الأمراض قديمة للغاية.
الطاعون-الموت
الأسود 1720:
في العام 1720 ضرب
مدينة مرسيليا الطاعون العظيم وقد وصل الوباء على سفينة تجارية ضخمة تدعى سانت أنطوني
بميناء مرسيليا وإتضح أن حمولتها من القطن والحرير تحتوي على جرثومة الرايسين المسببة
لوباء الطاعون وكان السبب الرئيسي في إنتشاره القوارض وعلى الأرجح عن طريق البراغيث التى كانت في الفئران التي تعيش على مثن السفن التجارية
وقد تسبب ذلك الوباء بقتل مئة ألف شخص، ولكننا لا يجب أن ننسى أنّ تلك الهجمة لم تكن
هي الأولى للطاعون أو الموت الأسود كما يسميه البعض، فقد كانت هناك هجمات أخرى قبله
منها هجمة الموت الأسود عام 1348 والتي قتلت 3ملايين شخص في أوروبا وملايين لا تعد
ولا تحصى في آسيا. وطاعون آثينا عام 430 ق.م
والذي أهلك معظم أهلها وربما كان سببه التيفوس. والطاعون الأنطوني من 165 إلى 180 بعد
الميلاد والذي خلف مصائب هائلة في الإمبراطورية الرومانية في عصر ماركوس أوريليوس.
كذالك طاعون جيستنيال عام 541م والذي قتل ملايين البشر وإنتشر حول البحر الأبيض المتوسط
وفرنسا وألمانيا وربما الجزر البريطانية كذلك. يعرف الوباء جيستنيال بأنه الوباء الأول
تبعه الموت الأسود الوباء الثاني بعد ما يقرب ثمانمائة سنة ، وبدأ الوباء الثالث في
الصين بداية القرن الثالث عشر وإنتشر في أفريقيا وأمريكا الشمالية والجنوبية حيث لا
يزال يسبب العدوة البشرية بين الحين والآخر.
شكل الموت الأسود
أمرا لا نظير له سواء في حدته أو إنتشاره، تسبب في هلاك ما لا يقل عن ثلث سكان القارة
ومن المرجح أنه قتل ما يقدر ب 75إلى 200 مليون شخص في القرون الوسطى وفقا للمؤرخ فيليب
دايلدر ولم يكن أحد يعرف سبب وكيفية إنتشار هذا المرض، إذ أن إنتشار الوباء كان بسرعة
كبيرة لدرجة أن الأطباء لم يكن لديهم الوقت الكافي للتفكير في أصوله ولا أحد في ذلك
القرن نظر إلى مكافحة الفئران كوسيلة لردع الوباء، فقد حدثت العديد من الهجمات ضد اليهود
وبدأ الناس يعتقدون أن غضب الله هو ما أدى إلى ذلك.
الكوليرا
1820:
بعد الطاعون ب
100 عام وتحديدا في عام 1820، كانت الكوليرا تحصد أرواح البشر بعد ظهورها الأول بمدينة
كالاكوتا بالهند. وقد كان سببه تناول الأرز الملوث بواسطة الذباب، وتفشى الوباء في
شبه الجزيرة الهندية مع وجود نهر الجانج بمثابة خزان ملوث. وقد إنتشر المرض من خلال
طرق التجارة البر والبحر لروسيا ثم إلى غرب أوروبا ومن أوروبا إلى أمريكا الشمالية
وكانت أعلى معدلات الوفيات في روسيا وتايلاند والفلبين. قدرت حالات الوفاة في الهند
بنحو 15 مليون وفاة و50 مليون في العالم، وقد تم تطبيق الحجر الصحي من 30 إلى 40 يوم.
الإنفلوانزا
الإسبانية 1920:
كانت كارثة بشرية
حقيقية وقد تجاوز ت ضحاياه أكثر من 100 مليون شخص وسط عجز عن إيقافها. إجتاح وباء الإنفلونزا
الإسبانية العالم لفترة وجيزة أوقع ضحايا بالملايين وخلف خسائر بشرية فادحة إلى حد
أن الكثير من الأطباء يصفونه بأنه الكارثة الأشد فتكا في تاريخ البشرية، أضف إلى كل
هذه العوامل ضراوة الفيروس نفسه، إذ يرى الكثير من العلماء أن الفيروس المسبب للوباء
كان فتاكا وسريع الإنتشار بشكل إستثنائي إلا أن العلماء لم يفهموا سبب شراسته إلا بعد
مرور 100 عامة من ظهوره. فالفيروس كان جديدا وطرق العلاج كانت خاطئة وطرق العدوى لم
تكم معروفة.
منشأ الوباء كان
فرنسا بمستشفى أو معسكر مزدحم والتي كانت بمثابة بيئة جيدة لإنتشار الفيروس بين الجنود
ومتضرري الحرب. وفي ظل الإجراءات الوقائية المشددة التي قامت بها الدول إذ أقامت محاجر
صحية في مختلف أنحاء المدينة وأغلقت المدارس وحظرت إقامة بعض المناسبات الإجتماعية،
لكن كل هذه التدابير لم تسهم في الحد من إنتشار هذا المرض إلا إذا عرفها الناس وإلتزموا
بها.
كانت معدلات الوفيات
على أشدها في أسيا وإفريقيا بينما كانت الأدنى في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا.
وباء الإنفلونزا (الإنفلونزا الإسبانية، إنفلوزا الخنازير وإنفلوزا هونغ كونغ وغيرها)
أصاب أكثر من 500 مليون شخص وحصد أكثر من 100 مليون من سكان المعمورة.
فيروس
كورونا 2020:
يشار إلا أن كتاب
رواية عيون الظلام التي كتبها مؤلف أمريكي يدعى جيم كونز عام 1981 ومسلسل ذي سيمبسون تنبأوا بظهور مرض كورونا وتدور أحداثها في
نفس مكان إنتشار الفيروس ووهان حيث يطور العلماء في مختيرات تابعة للجيش الصيني فيروس
كجزء من برنامج هذا البلد للأسلحة البيولوجية في الحروب، وأطلق المؤلف كونز على الفيروس
إسم ووهان 400 وأطلق عليه السلاح المثالي لأنه يؤثر فقط عل البشر.
ويقول العلماء إن
دراسة الفيروسات التي سببت كوارث بشرية في الماضي ستساعدنا في إتخاذ القرارات السليمة
وتوجهنا إلى أفضل الطرق.
المصادر: قناة ناشيونال جيوغرافيك
إرسال تعليق